عندما يتلقى الآباء مكالمة من معلّمة طفلهم في الحضانة وهي في حالة قلق، ماذا يتوقعون أن يسمعوا منها؟ "طفلكم لا يصغي" أو "يقوم دائمًا بالعضّ" أو "ينادي جميع الأطفال بالأغبياء" وغيرها الكثير. إلّا أنّ وضع السيدة نور كان مختلفًا هذه المرة، فعندما طلبت معلّمة طفلها في الحضانة التحدّث معها جانبًا، أخبرتها أنّ طفلها لا يستطيع أن يكتب. فهو يستطيع حمل القلم لكن ليس بالطريقة الصحيحة، ويمكنه بالكاد التمييز بين الأحرف التي يكتبها ولا يمكنه بتاتًا رسم خطوط مستقيمة وأشكال بسيطة. لذلك حثّتها على طلب المساعدة لطفلها البالغ من العمر أربع سنوات وعرضه على اختصاصي معالجة إنشغاليّة.
فما هو العلاج الإنشغالي؟
يُساعد العلاج الإنشغالي الأشخاص الذين يُواجهون صعوباتٍ خلال إنجازهم المهام اليومية (الأمور التي يقومون بها في حياتهم اليومية) والتي تشمل عند الأطفال، اللعب والتعلّم وأن يكون أداؤهم جيدًا في المدرسة. يعمل العلاج الإنشغالي على تحسين المهارات الحركية الدقيقة والكبرى ومساعدة الأطفال الذين يعانون من مشاكل متعلّقة بضبط النفس وأداء التكامل الحسّي (اضطراب المعالجة الحسية).
نظرًا لكون الاحتياجات تتغيّر من طفلٍ إلى آخر، فقبل البدء بالمعالجة، يُقيّم اختصاصي العلاج الإنشغالي مكامن قوة الطفل والتحديات التي يواجهها ومن ثم يضع مخططًا للنشاطات التي يجب عليه العمل عليها. يسعى اختصاصي العلاج الإنشغالي للأطفال إلى مساعدتهم على أن يعتمدوا على أنفسهم في الأمور التي يقومون بها والملائِمة لأعمارهم.
إليك أهمّ العلامات التي تدلّ أنّ طفلك يحتاج علاجًا إنشغاليّاً:
صعوبة إتمام مراحل النموّ بحسب العمر:
إذا كان الطفل يعاني من مشاكل في تطوير مهارات النموّ المعروفة في عمرٍ معيّنٍ أو خلال مدة زمنية محددة.
على سبيل المثال:
تفاعل اجتماعي غير مناسب لعمره:
قد يتأخّر طفلك في تطوير مهاراته الاجتماعية إذا أظهر الإشارات الآتية:
مهارات لعب غير مناسبة لعمره:
يُعتبر اللعب نشاطًا أساسيًا عند الأطفال لتطوير المهارات الملائمة لعمرهم واكتشاف العالم المحيط بهم. فالطفل قادرٌ من خلال اللعب على بناء مهاراته الحركية والمعرفية وتعلّمه حلّ المشاكل وتطوير مهاراته الاجتماعية.
يُنصح بعرض الطفل على اختصاصي علاج إنشغالي إذا كان يظهر العوارض الآتية:
يعاني من مشاكل في المهارات الحركية الكبرى والدقيقة:
تشمل المهارات الحركية الكبرى (الجسدية) العضلات الكبرى (الأساسية) للجسم، المسؤولة عن القيام بالوظائف اليومية مثل الوقوف والمشي والركض والجلوس بشكلٍ مستقيمٍ بالإضافة إلى مهارات التنسيق بين حركات اليد والعين مثل مهارات التعامل مع الطابة (رميها والتقاطها وركلها). فالطفل الذي لديه نمط حركة بطيء وقوة خفيفة وأو يعاني من مشاكل في التوازن، تبدو حركاته غير منسّقة وغير متّزنة. إذا كان كذلك فهو قد يواجه صعوبات في الأمور الآتية:
تشمل المهارات الحركية الدقيقة الحركات التي تُشغّل عضلات اليدين مثل الكتابة والقصّ وحمل غرض صغير والتقاط ملعقة وربط شريط الحذاء. إذا كان طفلك يواجه صعوبة في المهارات الحركية الدقيقة، فهو على الأرجح يعاني من الآتي:
اضطراب المعالجة الحسية:
قد يعاني الطفل الذي ثمّة مخاوف من وجود اضطراب المعالجة الحسية لديه من صعوبات في استخدام الحواس (النظر والسمع واللمس والشّم والتذوّق ووعي أجزاء الجسد والتوازن وتحديد موقع الجسم في المحيط الخارجي).
فلنفترض أنّك لاحظت وجود مشاكل حسيّة لدى طفلك وتعتقد أنّ تصرّفاته الحسية تتعارض مع قدرته على التركيز أو إتمام نشاطاته اليومية، في هذه الحالة عليك استشارة اختصاصي علاج إنشغالي للأطفال. يمكن لاختصاصي العلاج الإنشفالي أن يساعدك على تحديد المشاكل الحسيّة التي يعاني منها طفلك واقتراح استراتيجية ملائمة له. كما قد يضع نظامًا حسّيًا مُصمّمًا بعناية يتألّف من سلسلة نشاطات جسدية لتمنح تجارب حسيّة بحسب احتياجاته.
الصعوبات التعلّمية:
تعتبر الصعوبات التعلّمية شكلًا آخر من أشكال تأخّر النموّ، لذلك يُنصح باستشارة اختصاصي علاج إنشغالي إذا كان طفلك يواجه تحديات في إحدى النقاط الآتية:
يمكن للعلاج الإنشغالي أن يساعد الطفل في الكثير من الأمور التي يحتاجها لتحسين مهاراته المعرفية والجسدية والحسيّة والحركية، بالإضافة إلى أنّه يزيد من ثقته بنفسه وقدرته على إنجاز ما يريد.