يمتدّ الحمل لفترة تُقارب الـ40 أسبوعًا، ابتداءً من أولّ يوم من آخر دورة شهرية حتى اكتماله ودخول المرأة مرحلة المخاض والولادة. يعتمد الأطباء على الأسابيع كمقياسٍ لمساعدتهم على معرفة مرحلة تطوّر الحمل وتتبّع نموّ الجنين. تًقسم هذه الأسابيع إلى ثلاث مراحل تسمّى كل واحدة منها ثلثًا وتكون على الشكل الآتي:
يُعتبر هذا التقسيم أكثر طريقة فعالة لمساعدة كلّ من الآباء والأطباء والفريق الطبي على مراقبة نموّ الطفل وإجراء الاختبارات الطبية في الوقت المناسب واحتساب موعد الولادة بشكل صحيح. ما هي المراحل التي يمرّ بها نموّ الطفل خلال كلّ شهر من الحمل؟
الثلث الأول
يمتدّ الثلث الأول من وقت حدوث الحمل حتى الأسبوع الثالث عشر، ويتطوّر خلاله الطفل من كونه مجموعة صغيرة من الخلايا المُتجمّعة إلى حالة المُضغة. خلال هذه المرحلة تبدأ المُضغة بإظهار بعض سِمات وملامح الجنين؛ في الشهر الأول، يتشكّل كيسٌ مضادٌ لدخول المياه حول البويضة المُخصّبة مع بدئها بالتوسّع؛ يُطلَق على هذا الكيس اسم السائل السلوي الذي يُشكّل وسادة تحمي الجنين وتقيه الضربات التي يتعرّض لها من بطن الأمّ. كما تنمو المشيمة خلال هذه المرحلة وتصبح مصدر غذاء الطفل من الأمّ. تبدأ ملامح الوجه مثل الفم والحنك والعيون والحلق بالتَشكّل؛ أمّا خلال الشهر الثاني فتبدأ هذه الملامح وأطراف الطفل بالتبلوُر وتتخذ شكلًا لها، بالإضافة إلى أنّ الدماغ والنخاع الشوكي يبدآن بالتشكّل وهو ما يُعرف بعملية تكوّن العَصيبة. كما يباشر الجهاز الهضمي والأعضاء الحسّية والعظام بالنموّ وخلال الأسبوع السادس بحيث يُمكن للآباء سماع دقة قلب طفلهم لدى زيارتهم الطبيب لإجراء الفحص الدوري.
خلال الشهر الثالث، ينتقل الطفل من مرحلة المُضغة إلى مرحلة الجنين لأنّ جميع أطرافه تكون قد تشكّلت بالكامل. في هذه المرحلة، تبدأ الدورة الدموية والجهاز البولي بالعمل ويفرز الكبد العصارة الصفراء وذلك بالتزامن مع نموّ الأعضاء التناسلية. إلا أنّ الكشف عن جنس المولود عبر الموجات الصوتية يبقى غير ممكن. في نهاية الثلث الأول يبلغ طول الجنين 10 سم ويزن تقريبًا 28 غرامًا.
الثلث الثاني
يُعتبر الثلث الثاني أفضل مرحلة في الحمل نظرًا لكمية الطاقة المرتفعة والمُتدفقة التي تشعر بها الأمّ. خلال الشهر الرابع تصبح ملامح وجه الطفل محدّدة بدقة (الجفون والحواجب والرموش) والأسنان والعظام أكثر كثافة. كما يبدأ الجهاز العصبي بأداء وظائفه ويقوم الجنين في الرحم ببعض الحركات من بينها مصّ إبهامه والتثاؤب والتمدّد وفتح قبضة يده وإغلاقها؛ ونظرًا إلى اكتمال نموّ الأعضاء التناسلية يُصبح من السّهل على الطبيب تحديد جنس المولود.
خلال الشهر الخامس، يبدأ نموّ عضلات الطفل مما يتيح للأمّ الشعور بحركاته وتجدر الإشارة إلى أنّ أول حركة يقوم بها الطفل تسمى "الارتكاض". كما يبدأ الشعر بالنموّ على رأس الطفل وأكتافه وظهره ويصبح مُغطى "بالزَغب" وهو نوع من الشعر الناعم يتساقط بعد مرور أسبوع على الولادة؛ بالتزامن مع ذلك تتشكّل مادة بيضاء جُبنية تسمى "الطّلاء الدُهني" على بشرة الطفل،ب ووظيفتها حمايته من التعرّض للسائل السلوي لفترة طويلة.
طوال الشهر السادس تصبح بشرة الطفل محمرّة والعروق مرئية وتتشكّل الرئتان على نحو تام. واعتبارًا من الآن يصبح للطفل مجموعة بصمات فريدة من نوعها، في حين تبدأ العيون بالتحرّك تحت الجفون المغلقة ويمكن أن يختبر الطفل الحازوقة التي تشعر بها الأمّ. بالإضافة إلى ذلك، يبدأ الطفل بالتجاوب مع الأصوات الخارجية التي تأتي من البيئة المحيطة به لا سيّما صوت الأمّ والأب؛ كما قد تؤدي زيادة نبض القلب إلى حدوث تجاوب عند الطفل يتمثّل بقيامه بحركات.
خلال الشهر السابع من الحمل، تكتمل حاسّة السّمع عند الطفل ويصبح أكثر ميلًا إلى تغيير وضعيته استجابة منه لمحفزات خارجية مثل الألم والصوت واللّمس. في نهاية الثلث الثاني من الحمل يبلغ طول الطفل 35.5 سم ويتراوح وزنه بين 0.9 و1.8 كيلواغرامًا.
الثلث الثالث
طوال الثلث الثالث وخصوصًا خلال الشهر الثامن يُصبح الطفل أكثر نضجًا لا سيّما أعضاءه الحسّية ودماغه في حين لا تكتمل الرئتانن بشكل تام إلا مع بداية الشهر التاسع. يكسب الطفل الدُهن والوزن بشكلٍ سريعٍ ويبدأ الطّلاء الدُهني الذي تشكّل على جسمه بالزوال ليبدأ عندها شعره بالنموّ.
خلال الشهر الأخير من الحمل، أحيانًا يستقرّ رأس الطفل نزولًا ليتهيّأ للولادة وبفضل هذه الوضعية قد يصبح تنفّس الأمّ أكثر سهولة. يتحرّك الطفل بصورة أقل لكونه في وضعية الولادة ومستعدًا للخروج. عند الولادة يبلغ طول الطفل حوالى 45 سم ويزن تقريبًا 3 كيلوغرامات.
في المحصّلة، تحتاج كلّ أمّ إلى معرفة مراحل تطوّر جنينها طوال فترة الحمل إذ يُمكن للعوامل البيئية أن تؤثّر على هذا التطوّر خلال كلّ مرحلة من مراحل ما قبل الولادة. إنّ حياة الجنين ونموّه يعتمدان اعتمادًا كليًا على الأمّ لذلك ينبغي عليها أن تهتمّ بنفسها بشكل جيّد.