لا يتبادر إلى ذهن غالبية الأزواج عندما تُصبح علاقتهم جدّيّة الحاجة لمناقشة ثقافة الطعام التي يريدون اعتمادها في بيتهم الزوجي. تبدأ المشاكل لاحقًا بالظهور حول هذا الموضوع من خلال تزايد التوتر بين الزوجين بشكل عام أو عندما يتعلّق الأمر بالأطفال.
لا يقلّ الحديث عن ثقافة الطعام أهمية عن المواضيع الأساسية الأخرى مثل المسائل المادية والتي لا تكون غالبًا مُسلّية أو تسهل مناقشتها، لكنكم تقومون بذلك لأنّها مسائل مهمّة!
إنّ التحدّث عن الأطفال مسألة مهمّة كذلك الأمر. هل اتفقتما على مسألة إنجاب الأطفال؟ حسنًا، كم طفلًا تريدان؟ لا بدّ من تبادل وجهات النظر حول هذه المسألة في ما بينكما قبل تبادل عهود الزواج.
يبدأ الزوجان الحياة الزوجية باعتقادهما أنّهما قادران على حلّ مسألة الطعام في وقت لاحق أو أنّ أحدهما قادر على تغيير فكر شريكه، لكن مع الأسف، لا تجري الأمور كما توقعا وتأتي النتيجة مُخيّبة للآمال. يشير بحث أُجريَ حديثًا إلى أنّ مسألة الطعام تحتلّ الصدارة في الأمور التي يختلف حولها الأزواج.
ما هي أهميّة التحدّث عن الطعام؟
جميعنا تربّينا على مقولة أنّ الزوجة الصالحة هي التي تطبخ ما يشتهيه زوجها، أو أنّ الطبّاخ المنزلي الماهر هو الذي يأكل الجميع الطعام الذي أعدّه بالكامل. لكنّ أذواق الناس في الطعام تختلف، فكلّ شخص معتاد على ثقافة طعام معيّنة اعتمدها طوال حياته.
في المراحل الأولى للزواج، قد يتنازل الشريكان عن بعض الأمور. لكنّ الطعام هو آخر شيء قد يتنازل عنه الأزواج وهنا تبدأ المشاكل بالحدوث.
من الطبيعي أن يقع خلاف حول ماذا سنعدّ على العشاء. لكن لا بدّ من معالجة عامل مهمّ وهو الخلاف حول مبدأ عام مثل ما إذا كان الطعام الذي سيتم تناوله صحيًا أو سيتم طلب وجبات سريعة.
مع ولادة الطفل، وإذا لم يكن الشريكان قد توصلا لحلّ هذا الخلاف، فقد يؤدي ذلك إلى حدوث شرخ كبير في علاقتهما. فيخسر كلّ منهما شريكًا داعمًا له وقد يتشاجران بشكلٍ متزايدٍ عند تناول كلّ وجبة وبذلك يصعبان أمرًا هو في الأصل صعب بحدّ ذاته.
عندما يضع الوالدان قواعد مختلفة من دون الاتّفاق في ما بينهما على قاعدة واحدة على الأقل، فهذا يُؤدي إلى توجيه رسائل متضاربة للطفل تجعله قلقًا وغير واثق قواعد من منهما يُبطبّق ومتى.
نتيجة لذلك، سيعلم الأطفال متى يكون الوالدان على خلاف ويستغلّون الموقف. فكّر مثلًا في طلب طفل من أحد والديه الأكثر تساهلًا الحصول على المزيد من الشوكولا وإعطائه ما يريد. أو مثلًا في حال رفض الطفل تناول وجبة معيّنة، فيميل الشريك المتساهل إلى عدم الإكتراث كثيرًا بمسألة الطعام أو يقترح حلًّا بسيطًا من شأنه تعزيز رفض الطفل وبالتالي إصراره على شريكه الآخر تقديم وجبة أخرى بديلة.
على الرغم من أنّ هذا الضغط قد يبدو مضرًا عندما يبدأ الطفل بتناول الطعام، لكنّ ذلك في الواقع يدعم تصرّف الطفل مما يتسبّب بزيادة رفضه وتناوله مرات أقل خلال اليوم.
تظهر المشاكل بين الوالدين عندما تبدأ لعبة إلقاء اللوم وتخرج الأمور عن السيطرة. من الصعب على أحد الشريكين أن يعترف بأنّ مقاربة الطرف الآخر كانت سليمة أكثر.
من أجل نجاح العلاقة بين الزوجين وتمتّع الطفل بعلاقة جيّدة مع الطعام الصحي، من المهمّ أن تتم مناقشة أنواع الطعام التي كانا يتناولانها سابقًا في منزل والديهما وكيف تكوّنت لديهما نظرة حول الأطعمة التي تُقدّم في أيامنا هذه.
إنّ مناقشة هذه الأمور تسمح للآباء بالإتفاق على العديد من الأفكار والتخلي عن تلك التي أضرّت بصحتّهم في السابق.
أتمنى أن يستفيد العديد من الأزواج من محتوى هذا المقال وأن يسمح لهم بتحديد أفضل مقاربة لاعتمادها مع أطفالهم.