إنّ الأطفال غير مهيّئين للتحكّم بعواطفهم ومشاعرهم مما يجعلهم يقومون "بتصرفات غير مرغوب
فيها". مع الأسف، نحن نعيش في مجتمعٍ يكبت المشاعر ويعطي الأولوية للتصرفات على حساب العواطف ويسود فيه الاعتقاد أنّ التغيّر في سلوك الأطفال مهمّ أكثر بكثير من فهم السبب الكامن وراء هذه التصرفات.
- . يعزّز تقديرهم لذاتهم:
إنّ حرمان الأطفال فرصة التعبير عن أنفسهم يبعث لهم برسالةٍ واضحةٍ بأنّ مشاعرهم لا قيمة وبالتالي يُترجم الأطفال هذه الرسالة بالقول "أنا غير مجدٍ"، فيدخلون بذلك في دوّامة جديدة من
المشاكل.
- يدعم الذكاء العاطفي:
إنّ التعامل مع مشاعرنا لا يُعتبر سلوكًا فطريًا، فكلّما تقدمنا في السّن كلّما تعلّمنا كيفيّة ضبط مشاعرنا من خلال اتّباع آليات واستراتيجيات التكيّف. يعتقد معظم الآباء ويتوقعون من أطفالهم أن يناقشوا مشاعرهم ويُعبّروا عنها بشكل سليم وطبيعي؛ غير أنّ هذا الأمر نادر الحدوث إذ إنّ الأطفال غير قادرين على فهم التعقيدات التي تتّسم بها عواطفهم ولا حتى التمهّل للتفكير مليًا ومعالجة مشاعرهم وأفكارهم. إنّ مسؤولية تعليم الأطفال هذه المهارة تقع على عاتقنا نحن الراشدون. عندما نعلّم أطفالنا مجموعة كبيرة من المصطلحات الخاصة بلغة العواطف نكون بذلك قد جهّزناهم بشكل أفضل لتعريف وتحديد ما يشعرون به، أي بمعنى آخر نساهم في تنمية ذكائهم العاطف.
- . يخفّف من القلق:
قد تُولّد العواطف القوية والكبيرة الخوف والإرباك في نفوس الأطفال، لكننا نمكّنهم من تطوير تقبّلهم السليم لمشاعرهم من خلال قبولها والإقرار بصحتها. عندما يتقبّل الأطفال مشاعرهم يصبحون أقلّ عرضة للتوتر والقلق. يُظهر الأطفال مشاعر الإحباط عندما يعجزون عن التعبير عن مشاعرهم بالشكل الملائم مما يؤدي إلى فشل التواصل بينهم وبين الآباء. إنّ مساعدة الأطفال على تحديد مشاعرهم وفهم سببها تُعتبر خطوات أساسية لتحسين التواصل.
- يقلّل من التصرفات غير المرغوب فيها:
بمجرّد أن يتمكّن الأطفال من تطوير مهارات تحديد مشاعرهم يصبحون قادرين على تطوير وعيهم الذاتي الذي من شأنه أن يُهدّئهم. يواجه الأطفال صعوبة في تحديد كيف يشعرون وطريقة التعبير عن هذه المشاعر لذلك ينتهي بهم الأمر إلى تصوير هذه المشاعر وترجمتها من خلال القيام بتصرفات غير مرغوب فيها وغير مستحبّة؛ من بين هذه التصرفات نذكر على سبيل المثال قيام الطفل بالعضّ أو الضرب نتيجة الإحباط أو الصعوبة في تهدئة نفسه لِفَرط حماسه. تُسبّب هذه التصرفات إحباطًا للآباء،إلا أنّ هذه المواقف بجميع أشكالها تُعتبر فرصة تعلّمية للأطفال لتحديد مشاعرهم والتعبير عنها بالإضافة إلى تحسين نموّهم العاطفي.
- التعبير عن المشاعر القوية يسمح للأطفال أن يكونوا في أفضل حالاتهم:
إنّ وقوع الأطفال في نمط كبت المشاعر يُعيق قدرتهم على النموّ؛ إذ إنّ المشاعر التي لم يتم التعبير عنها تبقى عالقة وتستقر في اللاوعي (العقل الباطن) بحيث تُعرّض الموارد الداخلية والطاقة العقلية التي يحتاجها الأطفال في حياتهم اليومية للخطر.
- يؤدي إلى بناء صحة عقلية إيجابية:
على مرّ العقود السابقة، أظهرت مجموعة من الدراسات أنّ كبت العواطف يؤثّر على الجسد والعقل ومن شأنه كذلك زيادة احتمالات حدوث الوفاة المُبكّرة. إنّ الأطفال الذين يعزّزون عادة التعبير عن الذات هم أقلّ عرضة للدخول في أنماط التكيّف السلبية التي تؤدي إلى القلق والإكتئاب وغيرها من مشاكل الصحة العقلية.
- يُحسّن الصحة النفسية والجسدية على حدّ سواء:
يتشابه الأطفال والراشدون لناحية المشاعر المكبوتة والتي لم يُعبَّر عنها فهي قد تتجلّى جسديًا من خلال عوارض مثل الصداع وآلام المعدة والقرحة وارتفاع ضغط الدم؛ فعند التعرّض للضغط يقوم الجهاز العصبي الودّي بتحفيز ثلاثة أنواع من الاستجابة هي القتال أو الهرب أو الجمود. تؤدي هذه الاستجابة إلى حدوث تغييرات جسدية مثل الدوّار وزيادة دقات القلب وضيق التنفس وآلام المعدة.
- إنّ التشجيع على صحة نفسية سليمة يُمهّد الطريق أمام التمتّع بصحة وعافية تدومان طويلًا:
يعاني الكثير من الآباء من صحة نفسية هشة جرّاء تجاربهم النفسية في طفولتهم. فبعضهم ما زال يحاول فهم كيفيّة تحديد أولوياتهم والاعتناء بسلامتهم الجسدية والنفسية. إنّ البدء في تشجيع الأطفال في سنّ مُبكّرة على التعبير عن مشاعرهم يُساعدهم على بناء أسسٍ متينةٍ لصحةٍ نفسيةٍ سليمةٍ طويلة الأمد.
نأمل دائمًا كآباء أن يختبر أطفالنا مشاعر إيجابية، إلّا أنّه من المهمّ أن نفهم أنّ المشاعر السلبية مثل الحزن والغضب هي مشاعر طبيعية وشائعة قد يحسّ بها الأطفال ولا تقلّ أهمية عن المشاعر الايجابية. إنّ مساعدة الأطفال في التعبير عن مشاعرهم لا تنحصر فقط في التأكد من قدرتهم على تحديدها ومساعدتهم على تخطيها أو الشعور بالسعادة على الدوام، بل تتمثّل في مساعدتهم على التكيّف مع هذه المشاعر. إنّ طريقة تعامل أطفالكم مع مشاعرهم يؤثّر في جوانب مُتعددة من حياتهم ومن ضمنها علاقاتهم مع زملائهم ومعكم، مما من شأنه أن يجعل التواصل بينكم أكثر فعالية ونجاحًا.