يُعتبر الإصغاء مهارةً مُكتسبةً أساسية للتعلّم. إنّ قدرة الطفل على الإصغاء تؤثّر بشكلٍ كبيرٍ على قدراته على تعلّم اللغة، فهو يجد سهولةً في الحصول على المعرفة التي يريد في أيّ موضوع كان وذلك بأسلوبٍ لا يُشعره بالضغط وينجح فيه أكثر. يندرج الإصغاء ضمن قائمة "المهارات اللّينة أو الشخصية" الأساسية مثل القدرة على حلّ المشاكل والقيادة والعمل الجماعي.
وهو عبارة عن مهارة يكتسبها الإنسان ويعمل على تطويرها خلال حياته وتحتاج وقتًا وصبرًا لإتقانها. كما بات الإصغاء مشكلةً متزايدةً لا سيّما عند الأطفال الصغار إلى حدّ دفع الحضانات إلى إدراجه ضمن بعض المناهج التعليمية المُعتمدة نظرًا لأهميته.
يشتكي العديد من الآباء ومانحي الرعاية من عدم إصغاء أطفالهم لهم واحترامهم. فلنسأل أنفسنا، كيف نمارس فنّ الإصغاء لنقدّم لأطفالنا مثالًا جيدًا يُحتذى به؟
هذه بعض الطرق التي تساعد الأطفال بأن يصبحوا أشخاصًا يصغون جيدًا:
١- كُن مُستمعًا جيدًا بدورك:
لا تقاطع طفلك وهو يُخبرك قصةً ما وامنحه انتباهك الكامل عندما يتحدث. لا تحمل ورقة وتقرأها أو تجري محادثة مع شخصٍ آخرٍ في الوقت عينه. أعِره انتباهك عندما يريد إخبارك بأمرٍ ما أو إظهار شيء لك، فمثلًا أطفئ الراديو في السيارة واستمع لما يريد إخبارك به عن يومه.
إذا أردت أن يُصغي إليك طفلك، يجب أن يشعر أنّ لديك النيّة لسماعه على حدّ سواء. يُقدّم الطفل الاحترام مقابل الاحترام الذي يناله، كما أنّ الطفل الذي يتمّ الإصغاء إليه غالبًا ما يصبح مستمعًا جيدًا في المستقبل. انتبه للطريقة التي تتحدث بها، قد يفوتك هذا الأمر، لكن طريقتك في التواصل معه قد تُشبه للغاية طريقة تواصلك مع والديك. لذلك، كُن مُدركًا لكلامك والطريقة التي تتحدث بها لتتمكن من رؤية بعض العادات التي تودّ تغييرها.
٢- أنظر في عينيه:
عندما تنظر للطفل في عينيه وهو يتحدث إليك، فأنت بذلك تُخبره أنك موجودٌ ومُنتبه لما يقوله. إنّ المحافظة على التواصل بالعين يساعد الطفل على تعلّم وجوب استمرار هذا النوع من التواصل معه بهدف التركيز وفهم ما يقوله الغير.
٣- اجعل المسافة بينكما صغيرة عندما تتحدثان:
لا تتوقع أن يستجيب طفلك إن ناديته من غرفة إلى أخرى. فما هو المثال الذي تقدمه للطفل عند قيامك بذلك؟ لن يستجيب لندائك ومن ثم ستغضب منه على قلّة الاحترام التي أبداها.
٤- تجنّب مقاطعة حديثه:
اسمح للطفل أن يُبلور فكرته خلال حديثه. تجنّب إعطاء تخمينات أو توقعات عمّا سيقوله، لأنّ ذلك من شأنه أنّ يُعيق التواصل ويدفعه للاعتقاد أنّ أفكاره وآراءه لا قيمة لها.
٥- كرّر الأمور التي سمعتها:
كرّر ما قاله الطفل بأسلوبك الخاص فهذا يُظهر أنك كنت منتبهًا عندما كان يتحدث إليك وأنّ حديثه مهمّ بالنسبة لك. كما يدلّ على أنّك فهمت ما قاله وبالتالي يمنحه الفرصة لتصحيح أي أمر قد تكون فهمتَه بشكل خاطئ.
٦- اطرح أسئلة:
إنّ طرح الأسئلة يؤكّد أنّك تصغي لحديثه. اطرح أسئلة محددة مرتبطة بما قاله فذلك يزيد من عملية الفهم والتوضيح. ثمة أربعة أنواع من الأسئلة هي السؤال المفتوح والسؤال المُغلق والسؤال الرئيسي والسؤال الذي يعكس أمرًا ما.
٧- طبّق مبدأ القراءة والفهم وتحليل النّص:
عندما يحين وقت النوم وقراءة القصص سواء ليلًا أو خلال فترة بعد الظهر، من المهمّ القيام بتحليل النص لأنّه طريقة فعّالة من شأنها تعزيز الإصغاء. اقرأ قصة لطفلك أو أخبره إياها شفويًا وبعد إنهائها اطرح أسئلة حولها.
٨- اكسر القواعد والتعليمات:
ننسى معظم الأوقات أنّ إملاء مجموعة من التعليمات على الطفل أمرّ صعب. فالطفل بحاجة إلى تلقي أمرٍ واحدٍ. عندما نقوم بتقسيم التعليمات له إلى مراحل، يمكنه حينئذ أن يركّز على مهمّة واحدة وأن يتذكّر ما يجب القيام به من دون الشعور بالإحباط.
أخيرًا، إنّ تربية الطفل ليكون مستمعًا جيدًا تتطلّب تطبيق العديد من النصائح التي ذكرناها وبشكلٍ مستمرٍ حتى نحصل على نتيجة. ولا بُدّ من التذكير أنّ الروتين هو العامل الأساسي لتحقيق كل ما تريده مع طفلك.