يُعتبر تطوير المهارات الاجتماعية والتفاعل بطريقةٍ جيّدةٍ مع العالم عاملًا أساسيًا نجاح الطفل في الحياة وبناء العلاقات مستقبلًا.
تتضمّن المهارات الاجتماعية الأساسية التحّدث بشكلٍ مفيدٍ والتفاعل مع الآخرين والبدء بمحادثة وتحمّل مسؤولية التصرّفات وكسب أصدقاءٍ جُددٍ والتعاطف مع الآخرين ومساعدتهم ومَدحِهم بالإضافة إلى التعامل مع ظروف الحياة الصعبة مثل التعرّض للمضايقة والتنمّر أو عدم التمتّع بشعبية عند الآخرين.
ثمّة أطفال بطبيعتهم اجتماعيون أكثر من غيرهم. وليس سهلًا على الشخص أن يكون اجتماعيًا، فهو فنّ يجب أن يُتقِنه في كلّ يومٍ من حياته.
كيف نساعد الطفل على تحسين مهاراته الاجتماعية؟ إليك بعض النصائح:
تشجيع التواصل بالعينين: شَجّع الطفل على النظر في عيني الشخص الذي يتحدث إليه ليكون التواصل فعّالًا أكثر، ولمساعدته على بناء ثقته بنفسه. يجب ممارسة هذه المهارة مراتٍ عديدةٍ قبل أن تصبح عادة تلقائية. تُعتبر لعبة "مسابقة التحديق" مفيدةً للغاية، إذ يمكن للطفل أن يمارسها مع ألعابه في بداية الأمر ومن ثمّ مع الآباء من خلال الطلب منه إخبارهم قصة مع النظر في عينيه.
تعليم الطفل عن المشاعر: اطلب من الطفل التعبير عن مشاعر متعدّدة مثل الفرح والغضب وخيبة الأمل والحماس والاستغراب والعصبية والتعب والخوف وغيرها الكثير. العب مع الطفل ألعابًا مثل "لعبة تحديد المشاعر" بحيث يقوم الطفل بالتعبير عن هذه المشاعر من خلال تعابير وجهه أو الإيموجي أو أي رموز تعبيرية أخرى. يساعدهم ذلك على التمييز بين المشاعر والتعبير عنها بطريقةٍ أفضل. وكما هو متعارف عليه، فإنّ الطفل يُقلّد حركات الآباء أكثر من استماعه لما يقولون، لذلك يجب أن تجعل إحساسك يصل إليه عندما تكون في حالة معيّنة ليتعلّم المزيد عن المشاعر.
تواصل معه دائمًا: يجب أن يتعلّم الطفل كيفية التعبير عن مشاعره والتفاعل والاستجابة للمحفّزات الاجتماعية سواء كان ذلك عن طريق الكلام أو السلوك. يحتاج الطفل للمساعدة والتوجيه للتغلّب على خجله والقيام بردّ فعلٍ والتعبير عن مشاعره الحقيقية. علّم طفلك الطريقة الملائمة لإلقاء التحية والردّ عليها ودعه يعلم أنّ له الحرية في التحدث وطرح الأسئلة والتعبير عن حاجاته ورغباته وآرائه وأفكاره. تحدث مع طفلك على الدوام وعلّمه كيف يبدأ بالحديث. يخشى الطفل غالبًا من ايجاد طريقة التحدث الملاءمة ومن مقاطعته حديث الآخرين أو من تجاهل ما قيل. علّمه أن يبدأ الحديث بقول "مرحبًا" و"كيف الحال"، وفي حال لم يُرد الحديث علّمه أنّ بإمكانه استخدام حركاتٍ مثل التلويح باليد والابتسام والإيماء بالرأس ومصافحة اليد. اشرح لطفلك أهمية المداورة في الحديث والاستماع جيدًا. تذكّر أنّ ذلك يحتاج الكثير من الممارسة في المنزل قبل أن ترى طفلك يبدأ حديثًا مع الآخرين.
اشرح مبدأ المساحة الشخصية: لا يستطيع الطفل فهم أنّ كلًا منا يحتاج أن يكون لديه مساحة شخصية ويجب احترامها. اشرح لطفلك أنّ هذه المساحة تختلف من شخصٍ لآخر. على سبيل المثال، يكون الأشخاص التي تربط بينهم صلة قرابةٍ أو صداقةٍ ميّالين للمعانقة واللّمس أكثر من الغرباء. من المهمّ جدًا أن يفهم طفلك أنّ من حقّه الحصول على مساحته الشخصية. تجنّب حمل طفلك ما لم يبدي رغبةً بذلك أو بمعانقته إذا لم يكن يحب العناق. علّم طفلك أنّ له سلطةٌ مطلقةٌ على جسمه ويتحكّم به ويجب أن يعلم أنّ الآخرين لديهم هذه السلطة على حدّ سواء. اجعل طفلك يطلب الحصول على إذنٍ قبل معانقة الآخرين والجلوس في حضنهم وغيرها من التصرفات.
علّم طفلك شعور التعاطف: تُعتبر نظرة الطفل للأمور محدودة وبالتالي يَصعب عليه وضع نفسه مكان الآخرين. لكن في المقابل، عليك مساعدته على فهم مبدأ التعاطف. شجّع طفلك على استخدام مُخيّلته واجعله يتخيّل نفسه في مواقف مختلفة. على سبيل المثال، عند مشاهدة التلفاز، اسأل طفلك عن رأيه في ما تشعر به شخصية معيّنة ولماذا. شجّعه على تخيّل نفسه في موقفٍ مماثلٍ وجعله يفكّر في ما قد يشعر به.
علّم الطفل الأخلاقيات الأساسية: يجهل الطفل غالبًا الأخلاقيات الأساسية، لذلك من المهمّ تعليمه إيّاها. اشرح له أهمية قول عبارات مثل "رجاءً" و"شكرًا لك" و"اعذرني". اجعل هذه العبارات قاعدة أساسية مُعتمدة في المنزل، فذلك يساعده على ممارسة سلوك جيّد.
تأكد من تأمين بيئة آمنة: قد يجد الطفل الوحيد صعوبةً في التفاعل مع الآخرين. تمنح الرفقة الجيّدة والظهور بصورة جيّدة طفلك فرصًا أكبر في التواصل مع الأشخاص المحيطين به. يُعتبر القيام بنشاطات مثل اللعب في المدرسة والتسجيل في صفوفٍ لممارسة الهوايات وارتياد الملاعب والقيام بالنشاطات الرياضية طريقةً ممتازةً لطفلك ليصبح اجتماعيًا ويطوّر مهاراته الشخصية في التعامل مع الآخرين والتي تشكّل الركيزة الأساسية لبناء شخصيته.
تُحضّر المهارات الاجتماعية الطفل ليصبح قادرًا على بناء علاقاتٍ صحيةٍ على جميع الأصعدة ولمدى العمر. إنّ استخدام الطفل للمهارات المذكورة أعلاه ومساعدة الطفل على اكتسابها يجعل منه شخصًا مؤثّرًا في مجتمعه ويبني شخصيته على أساس راسخٍ وقوي. إنّ ذلك يلعب دورًا بارزًا في اتخاذ الطفل لقراراته وتحديد خياراته، أي بمعنى آخر في وضع الخطوط العريضة لمستقبله.