كثيرًا ما نُخطئ في تفسير مُماطلتنا في القيام ببعض الأمور، بحيث نعزو ذلك إلى عدم التمتّع بمهارة إدارة الوقت أو الكسل ونبدأ بلَوم أنفسنا على تأجيل الأمور التي علينا إنجازها. الأمر ليس بهذه البساطة، فالمُماطلة لها أبعادٌ أعمق من ذلك بكثير.
إنّ الوقوع في فخّ المُماطلة غالبًا ما يُعلّمنا أمرًا مهمًّا مثل تفادي الشعور بالضّجر وعدم الكفاءة أو التوتّر. لكنّ الحقيقة المُرّة هي أنّ المُماطلة قد تكون مؤذية أكثر مما نتوقّع. نقدّم في ما يلي بعض النصائح التي تساعدكِ على البقاء على المسار الصحيح وعدم فقدان صوابك في الوقت ذاته:
النصيحة الأولى: أجري تعديلًا بسيطًا على طريقة رؤيتكِ للأمور. فبَدل التفكير في مدى صعوبة أو سوء القيام بأي أمرٍ، ركّزي على سبب قيامكِ به في المقام الأول. إنّ الهدف النهائي لقيامكِ بهذا الأمر هو مساعدتكِ على التغلّب على إخفاقاتكِ. لذلك، استبدلي مقولة "ينبغي عليّ القيام بذلك" بمقولة "أريد القيام بذلك". على سبيل المثال، بدل القول "يجب عليّ التأخّر في العمل للقيام بعمل إضافي الليلة"، يمكنكِ القول "أريد القيام بهذا العمل الإضافي لأنه يجعلني أقرب خطوة للحصول على ترقية".
النصيحة الثانية: أجري تعديلًا على عقلية المثالية. غالبًا ما يقع الأشخاص الذي يسعون للمثالية في فخّ "الكلّ أو لا شيء" وينتهي بهم المَطاف إلى المُماطلة. إنّ ما يدفع الأشخاص لأن يسعوا للمثالية هو اعتقادهم بأنّ درجاتهم ورُتبهم وتقييمهم لأنفسهم هي الأمور التي تُحدّد قيمة ذاتهم. فضلًا عن خوفهم الدائم من الفشل والعمل على تجنّبه فيستمرّون بالقول: "إذا لم أكن مثاليًا، فأنا شخص فاشل" ويجدون في ذلك خطرًا كبيرًا لا يستطيعون المجازفة به، وبالتالي يلجؤون للمُماطلة كوسيلة لحماية ذاتهم. كلّ ذلك نابع من حبّ الذات. اسعَي للقيام بأمر عظيم وليس مثاليًا.
النصيحة الثالثة: إحدى عوامل تغيير المزاج. وجد علماء النفس أنّ الأشخاص يلجؤون غالبًا للمُماطلة ليس بالضرورة لتفادي المُهمّة بحدّ ذاتها بل لتفادي ذلك الشعور المُزعج المُترتّب عنها. تمنح المُماطلة شعورًا قصير الأمد بالراحة لكنّها من جهة ثانية تُطيل مدّة الشعور بالذنب والتوتر والمبالغة بالتفكير. من المثير للسخرية أنّ ما يجعلنا نشعر أنّنا بحال أفضل هو قيامنا بالعمل الذي نتجنّب إكماله. لذلك، ذكّري نفسكِ دائمًا أنّ المُماطلة ليست سوى استدارة للخلف في طريق إنجازكِ المهمّة بحدّ ذاتها. الحلّ يكمن في اتخاذ "خطوات الطفل"، أي بمعنى آخر ابدئي بمهامٍ بسيطةٍ وصغيرةٍ من شأنها تحفيزكِ على الاستمرار. فذلك سيمنحكِ شعورًا بالرضى لإنجاز أمرٍ ما ويعيد الثقة بنفسكِ في قدرتكِ على تحقيق أهداف أكبر.
قد يكفّ الأشخاص عن اللجوء للمُماطلة إذا فهموا أسبابها والمفاهيم الخاطئة المتعلقة بها. هي ليست عادة لمدى الحياة! تذكري أنّ المُماطلة ستكلّفكِ خسارة الحياة التي كان بإمكانكِ عيشها.