إنّ روتين النوم الجيّد هو مفتاح حصول طفلك على نومٍ عميقٍ. يتوجب علينا خلق "ملاذ نوم آمن" لمساعدة الأطفال على النوم جيدًا، فإنّ تعوّد الطفل على نمط معيّن كل ليلة يجعله ينعم بنوعية نوم أفضل وشعور بالاسترخاء والفرح. كما ينصح خبراء النوم الراشدين بإيجاد مكان يشعرون فيه بالأمان عند خلودهم للنوم لمساعدتهم على التخلّص من مشاكل النوم والأرق.
لماذا نحتاج لروتين النوم؟ وكيف نحافظ على روتين نومٍ جيّدٍ؟
تبدأ المسألة مع الآلية البيولوجية للنوم وسبب الحصول على روتين نومٍ هادئٍ في وقت مُبكّر من الليل. فالميلاتونين، الهرمون المسؤول عن النوم، يُفرزه الدماغ عند فترة المغيب تقريبًا (يُحفّز الظلام عملية إفرازه) ويرتفع ليصل إلى أعلى نسبة له في الجسم بين الساعة السابعة والثامنة مساءً. لذلك، يُعتبر هذا الوقت هو الوقت المثالي لنوم الطفل نظرًا إلى ارتفاع مستويات هذا الهرمون الذي يساعد على النوم بشكلٍ أسهلٍ. يتضمّن روتين النوم الهادئ عوامل عدّة، منها التواجد في غرفة ذات إنارة خافتة الأمر الذي يساعد الميلاتونين على زيادة نسبته وبالتالي تحضير الطفل للنوم عميقًا لفترة طويلة.
يختبر الأطفال مشاعر قلق الابتعاد عن الأم اعتبارًا من عمر الثمانية أشهر. لذلك، من المهمّ أن نوجد روتين نوم نمضي خلاله مع الطفل فترة لا تقلّ عن ثلاثين دقيقة قبل حلول موعد نومه في غرفته وإعطائه اهتمامنا بالكامل (من دون وجود أي شاشة تلفاز أو حاسوب أو هاتف أو كل ما شأنه أن يشغلنا عنه) مع قراءة القصص له والتحدّث معه والتقرّب منه. إنّ تطبيق هذه الأمور ستقلّل من قلقه في الابتعاد عنكِ وتساعده على النوم بسعادة وهناء.
كيف نخلق روتينًا جيّدًا لوقت النوم؟
أولًا، ابدئي الروتين دائمًا بعمل حمّام لطفلك، أو إذا كنتِ لا تريدين أن تحمّميه كل يوم يمكنكِ استبداله بحمّامٍ سريعٍ أو بحمّامٍ جافٍ. لماذا؟ لأنّه مريح للغاية! فهو مشابه للشعور الذي يغمركِ بعد حمّام ساخن أو غسل وجهكِ.
ثانيًا، أطعمي طفلكِ والحرص على أن يشبع بالكامل ليدوم نومه لفترة أطول. عندما تقومين بإطعام طفلكِ، تأكدي من بقائه مستيقظًا لأنّ نومه سيتسبّب بعدم إكمال طعامه ويجعله يستيقظ في وقت لاحق من الليل ليتناول الطعام حتى يشبع. إنّ تناوله كمية طعام تُشبعه عند حلول موعد النوم يجعله ينام لساعات أطول ولن يصحوَ إلّا إذا شعر بالجوع مجددًا.
بعد إطعام الطفل، وكخطوة أخيرة في هذا الروتين، ننتقل إلى مرحلة نوعية الوقت الذي ستقضيه مع طفلكِ بدءًا من التواجد في غرفة ذات إنارة خافتة. في هذه المرحلة، يمكنكِ قراءة قصة والقيام بنشاطٍ بسيطٍ والتحدّث مع طفلكِ والاستماع لموسيقى هادئة والصلاة معه أو أي أمر آخر تختارينه من شأنه أن يعزّز الرابط بينكِ وبينه. طفلكِ الآن هو محور اهتمامك من دون منازع ويمكنكِ أن تمطريه بالقُبلات والغمرات وأن تُشعريه بالحب الذي تكنّينه له. تُعتبر هذه الخطوة أساسية لأنّكِ بذلك تتأكدين من تمتّعه بنومٍ هانئٍ ومن جعله يتوق لحلول موعد روتين النوم الذي بات تجربة إيجابية بالنسبة له. إنّ مجموعة الخطوات الايجابية هذه التي تتبعينها مع طفلكِ من شأنها أن تخفّف قلقه من الابتعاد عنكِ ومن المشاكل التي تُرافق موعد النوم لاحقًا عندما يكبر.
بعد إتمام هذه الخطوات جميعها، يجب أن تطفئي الأضواء ومن بعدها يغرق الطفل بالنوم. بالطبع يُفضّل أن ينام الطفل بمفرده لأنّ النوم باستقلالية بعيدًا عنكِ وحصوله على نوم هانئ يساعدانه على النوم طوال الليل.
بعد كلّ ما ذكرناه، قد تواجهين صعوبة في البدء بتطبيق روتين نوم مع طفلكِ، لا سيّما إذا كنتِ من الأمهات اللواتي لا يتّبعن روتينًا معيّنًا في حياتهنّ اليومية بسبب العمل أو بسبب نمط الحياة الذي فرضته علينا جائحة كورونا. إلّا أنّه وعلى الرغم من الظروف جميعها والنظام المعتمد في المنزل، أنصحكِ بشدة أن تعطي الأولوية لنوم طفلكِ وروتينه. فذلك، على الأغلب، سيوفّر وقتكِ وطاقتكِ بدل صرفها على معارك النوم وسيجعل الوقت الذي تمضيه معه ذو فائدة أكبر ويعزّز علاقتكما.